فصل: غلطة جغرافية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.غلطة جغرافية:

وننقل هذه النكتة ليتفكه بها القراء:
روى البخارى بسنده أن النبى صلى الله عليه وسلم ذكر مواقيت الحج: قرنًا لأهل نجد، وذا الحليفة لأهل المدينة، والجحفة لأهل الشام، ويلملم لأهل اليمن وذكر العراق فقال: لم يكن يومئذ عراق...
وليس يعنينا: من سأل ولا من أجاب وبديهي أن معنى لم يكن يومئذ عراق أنه لم يكن حجيج وافدون من العراق.
لكن أخصائي الشبه قال: ولكن الواقع العلمي يثبت ويؤكد أنه كان يومئذ عراق، ولكن القوم لم يكونوا قد ذهبوا إليه! أو سمعوا عنه!...
العرب في الجزيرة والشام لم يكونوا يعرفون أن هناك قطرًا مجاورًا لهم اسمه العراق.
لقد كان سكان العراق عربًا، وكانت علاقاتهم بسكان الجزيرة قائمة، وكان العرب إذا ذهبوا إلى فارس أو الهند مروا طبعًا بالعراق.
ولقد وصف النبى قصور الحيرة كبرى مدن العراق يومئذ للمسلمين، وهم محصورون وراء الخندق، وبشرهم بأنهم سيفتتحونها، فكيف يقول أبله: إن العرب كانوا يجهلون وجود العراق لأن علم الجغرافيا لم يكن تأسس بعد؟!

.الشهاب الراصد:

ويتحدث الكاتب عن الشهب الساقطة فيكذب ما ورد في القرآن من أنها رجوم للشياطين.
جاء في سورة الجن: {وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسًا شديدًا وشهبًا وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابًا رصدًا} (الجن: 8، 9).. ونقول: أجمع علماء الكون على رحابته، واتساع آفاقه، والسؤال الذي نورده: هل أبناء آدم وحدهم هم العقلاء الذين يحيون فيه؟!. أيبنى رجل قصرًا من سبعين ألف طبقة ثم يسكن غرفة منه ويدع الباقى تصفر فيه الريح؟ فلم بناه بهذه الضخامة؟
الواقع أن هناك غيرنا يسكن هذا الكون، ومن هؤلاء الجن الذين تحدثت عنهم الأديان، فإذا حاول أحدهم التمرد، وإفساد الهداية النازلة لأهل الأرض فما المانع من إرسال شهاب وراءه يحرق كيانه؟
ولم يقل القرآن الكريم إن كل شهاب يلمع فهو وراء شيطان سارق! لم يرد هذا القصر في القرآن قط، فقد تتساقط الشهب لأمور أخرى لا ندريها ولم يعرف العلم المعاصر عنها شيئًا.
ومن هنا فإن القول بأن القرآن أصبح يتناقض مع العلم في قصة الشهب لغو لا أصل له.

.خزان المياه:

ويكذب الكاتب النابغ قال تعالى: {وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين} (الحجر: 22) فيقول:
أصبحنا بعد إقامة السد العالى من أكبر الخازنين لمياه الأمطار.
وبذلك تكون الآية كاذبة!
فإن خزن المياه في الأزيار أو في الصهاريج أو وراء السدود لم يكن معروفًا في الدنيا حتى بنى سد أسوان.!
أرأيت هذا العمى؟
إن خزن مياه الأمطار على هذا النحو معروف للأولين والآخرين.
والآية تشير إلى معنى رائع فإن الزروع تحتاج إلى الماء لتنمو، والناس والدواب تحتاج إلى الماء لتحيا، وقد تكفل الله بإعداد المقادير من الماء الصالح لسد هذه الحاجات كلها، ورتب لذلك عمليات البخر وتكون السحب وسقوط الأمطار، وتفجر الينابيع أو جريان الأنها.
وستذوى أعواد النبات وتفنى أجساد البشر، ويعود ما في هذه وتلك وغيرهما من ماء، ليأخذ دوره البخر والسحب والأمطار.. الخ وهكذا دواليك. أكدت هذا المعنى آية أخرى {وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون}.
وتوفر العذوبة للماء، وحفظ القدر الذي تحتاج الدنيا له، هما معنى الاختزان الوارد في الآية.
وما فهم ذكى ولا غبى أن الناس عاجزون عن خزن المياه لأنفسهم في قلة أو زير أو مستودع صغير أو كبير..!

.فهم عجيب:

وتصفحت الكراسة التي بين يدي، وهى مليئة بلغو ممل، لأتبين حدود الهجوم على القرآن الكريم، فوجدت الكاتب يتحدث عن ابنى آدم اللذين قتل أحدهما أخاه.
والقصة معروفة: أخ صالح تقرب إلى الله بقربان فقبله منه، وأخ شرير تقرب كذلك فرفض الله قربانه، فتوعد الشرير أخاه بالقتل، ولكن الأخ الطيب نصح أخاه الفاشل قائلًا: {إنما يتقبل الله من المتقين} أي اتق الله ليقبل منك عملك، كما قبل منى، ولم تجد النصيحة، وافترس الشرير أخاه.
وقد تناول عبقرى أسيوط هذه القصة، وذكر أنها واردة في التوراة.
لماذا؟.. يقول: هذه القصة لو تمت على هذه الصورة لكان القاتل بريئًا؛ إذ تعرض بسبب رفض قربانه لحالة نفسية قاسية نتيجة شعوره بعدالة ما كان يرنو إليه من قبول، ثم يقول: إن القصة تشير بأصابع الاتهام إلى المحرض على القتل، وهو الذي رفض قبول القربان ثم يقول المغفل عن الله: إنه لو كان قبل القربان ما تمت الجريمة.

.حد السرقة:

ووقعت عيناى على هذه العبارات في أثناء هجوم الكاتب على حد السرقة يقول: أما عن تحريم الأديان للسرقة فقد كان الغرض منه ترضية الأغنياء وتأمينهم على مالهم وضمان تأييدهم، إذ المفروض بداهة ألا يسرق إلا الفقير!
ويقول: التأميم هو اغتصاب شرعى لما سبق أن اغتصب ظلمًا من الجماهير الكادحة فهو تصحيح للأوضاع وإزالة للظلم التاريخى المتأصل.
وقد يلومنى بعض القراء لاهتمامى بذكر هذه السخافات والرد عليها، ولو علموا ما تركته من آثار بين طلاب الجامعة في أسيوط لعذرونى.
إن هؤلاء الطلاب لم يعرفوا عن الإسلام شيئًا، والخطة الموضوعة لتخريجهم باعدت بينهم وبين الثقافة الإسلامية الناضجة، والسليقة الأدبية العالية، حتى إذا تركوا الجامعة بعد نيل إجازاتها خدموا كل شيء إلا دينهم، وأصبحوا فريسة سهلة لمبشرين محتالين أو أفاكين من النوع الذي قرأت هنا شبهاته ضد القرآن الكري.
وما وقع في أسيوط وقع قريب منه في الإسكندرية ونتج عنه ارتداد بعض الفتية والفتيات.
إنهم مساكين غير محصنين بشىء ضد الإلحاد أو الشرك.
ولما كانت كتب السنة قد تضمنت أشياء تحتاج إلى بيان وتمحيص وكشف فلابد من الوقوف قليلًا أمام ما أثاره هؤلاء الفتانون.

.نبي مرعب:

قال لي طالب جامعي بالإسكندرية: لقد أروني كتاب البخارى، وقرءوا لي منه حديث «نصرت بالرعب» وتضاحكوا وهم يقولون: نبي مرعب ينشر دينه بالإرهاب، والاعتراف سيد الأدلة!
وقلت للطالب: إن البخارى وغيره رووا هذا الحديث، وأريد أن أشرح لك المعنى الوحيد له مستعرضًا مواضع هذه الكلمة لا في السنة الشريفة، بل في القرآن الكريم، لتعلم أنها أتت في سياق حرب دفاعية عن الحق هجومية على الباطل، لا عدوان فيها ولا إرهاب.
بعد هزيمة المسلمين في أحد نزلت هذه الآية: {سنلقى في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين} (آل عمران: 151).
وهزيمة أحد كانت في أعقاب خروج المشركين من مكة، وشنهم الهجوم على الإسلام وأمته في المدينة.
وقد استطاع المشركون إيقاع خسائر جسيمة بالمدافعين عن الدين وموطنه الجديد مما ترك آثارًا سيئة في النفوس.
فأراد الله أن يواسى جراحهم، وأن يشعرهم أن القتال القادم سيكون لمصلحتهم، وأنه سيقذف الرعب في قلوب المعتدين عندما يكررون هجومهم. فماذا في ذلك من عيب؟
وجاءت هذه الكلمة عندما خان يهود بنى النضير عهدهم، وحاولوا قتل النبى صلى الله عليه وسلم، فجرد عليهم حملة ليؤدبهم، ولكن القوم- دون قتال- حل بهم الفزع، وقرروا الجلاء عن المدينة {ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب} (الحشر: 2).
وأخيرًا ذُكرت هذه الكلمة عندما انضم يهود بنى قريظة إلى الأحزاب التي أحاطت بالمدينة تبغى دكها على من فيها، وأعلنت حصارًا رهيبًا عليها.
وكان بنو قريظة قد أعطوا العهد من قبل على أن يعيشوا مع المسلمين في سلام شريف، واعترف رئيسهم بأنه لم يجد من النبى إلا خيرًا، ومع ذلك فقد انتهز الفرصة التي سنحت وأعلن الحرب الغادرة، وظن أنه سيقاسم المشركين الغنايم بعد الإجهاز على محمد وصحابته. ولكن قدر الله كان أغلب، لقد فض الله جموع المحاصرين {وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقًا تقتلون وتأسرون فريقًا} (الأحزاب: 26).
أإذا وقعت حرب الآن بيننا وبين إسرائيل، حرب جادة يستعلن فيها الإسلام وتتحد الكلمة ويتقدم ليوث محمد يطلبون إحدى الحسنيين: إما النصر وإما الشهادة، وفزع اليهود لهذا الزحف الجديد، الواثق العنيد، أإذا حدث ذلك وسرى الرعب في قلوب أعدائنا قيل عنا إننا إرهابيون؟
إن تحريف الكلم عن موضعه شيء مألوف عند أعداء الإسلام.
لقد نصر الله نبيه محمدًا بالرعب كما قال: فهلا قيل نصره في أي قتال؟
إن أشرف قتال وقع على ظهر الأرض هو القتال الذي خاضه محمد وأصحاب.
ولقد شعرت بشىء غير قليل من الضيق وأنا أقرأ قول الكاتب الأسيوطى توفى محمد عن ثلاث وستين سنة بعدما رفرفت راية التوحيد وطهرت الأرض من الوثنية في أعقاب غزوات ضارية، متعددة بلغت تسع عشرة غزوة- كما يقول البخارى- هي على التوالى: العشيرة، بدر، أحد، الرجيع، رعل وذكوان، الخندق، بنو قريظة، ذات الرقاع، بنو المصطلق، الحديبية، خيبر، مؤتة، تبوك، الفتح، حنين، الطائف، ذات السلاسل، سيف البحر.
وبغض النظر عن الترتيب التاريخى، ما رأى القارئ إذا قلت له: إن عشرًا منها على الأقل لم يقتل فيها أكثر من عشرة أشخاص هم مجموع خسائر المشركين!
وأن جملة الوثنيين في شتى المعارك الكبرى تتجاوز المائتين قليلًا.
وأن خسائر اليهود في صراعهم مع الإسلام عدة مئات من القتل.
هذه هي الغزوات الضارية المتعددة التي نشرت الإسلام كما يزعم الأفاكون!: خسائرها الحربية عشر، بل نصف عشر الفتنة التي وقعت بين الكاثوليك والبروتستانت في عيد سان بارتلميو.
خسائرها قطرة دم أريقت لمنع العدوان، نعم قطرة بالنسبة لحمامات الدم التي صحبت تطبيق الشيوعية، وتوطيد سلطانها.
قطرة بالنسبة للألوف المؤلفة الذين ذبحوا في صمت أو ضجة لدعم الحكم الفردى المطلق.
وبعد أن أحرقت رفات الضحايا سمعت أغرب صيحة في العالم: إن الشيوعية تدعو للسلام!
والشيوعية في هذا النفاق الفاجر تقلد الصهيونية والصليبية.. المتهم المسكين هو ديننا وحده!
كذب على رسول الله عليه الصلاة والسلام:
ونعود إلى ذكر الأحاديث التي هاجمها المستشرقون والمبشرون وسماسرتهم.
روى الكاتب الأسيوطى أن رسول الله قال: «إذا غضب الله على قوم أمطرهم صيفًا» لم أجده حتى في كتب الموضوعات المشهورة!.
وبنى على هذا الحديث جهل قائله بالحقائق الجغرافية.. ونقول: ما رواه الكاتب كذب، والحديث باطل موضوع.
وروى عن النبى عليه الصلاة والسلام أنه حرم الثوم تحريمًا قاطعًا مع ما فيه من فوائد غذائية وطبية.
ونقول: هذا كذب، فأكل الثوم والبصل والفجل جائز، وهذه المواد مباحة كلها، ولكن على آكلها ألا يؤذى المجتمع برائحة فمه، ويستطيع أن يبتعد عن غيره ويقوم بأى عمل انفرادى، وتسقط عنه صلاة الجماعة بل إن الأبخر تسقط عنه صلاة الجماعة، رحمة بالآخر.
وروى الكاتب حديث «الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء» الحديث رواه البخارى، والترمذى، وابن ماجه: كلهم فى: الطب، ورواه مسلم فى: السلام، والدارمى من: الرقائق، ومالك وأحمد. وهو صحيح كما بين شيخنا وكذبه قائلًا: الحمى ليست من فيح جهنم، بل هي من فيح الأرض وما فيها من قاذورات تساعد على تولد الجراثيم.
والكاتب كاذب والحديث صحيح، وما قاله ليس ردًا، فإن الحمى مهما كان سببها ترفع درجة الحرارة، وتكاد تصدع الرأس بآلامها فإذا شبهها النبى بعذاب جهنم، وأوصى أن تخفض درجة الحرارة بالمبردات، فهو محق.